تعريف قانون العمل:

اختلف الفقه في تعريف قانون العمل وذلك نتيجة لحداثته من جهة و اختلاف تسمياته من جهة أخرى. فهناك من يطلق عليه القانون الاجتماعي الذي هو مجموعة من النصوص المنظمة لعلاقات العمل، تهدف في الأساس الى دعم الامن الاجتماعي. و هنا من يطلق عليه مصطلح القانون الصناعي يقصد به مجموع النصوص القانونية، التي يتحدد نطاقها في عمال الصناعة.

حيث يُعرّف : “انه مجموعة القواعد التي تحكم العلاقات الناشئة عن قيام شخص طبيعي بالعمل لحساب، شخص آخر من اشخاص القانون الخاص تحت ادارته و اشرافه مقابل أجر”.

وهناك من يعرف قانون العمل على انه: “مجموع القاعد القانونية و التنظيمية والاتفاقية التي تنظم العلاقات القائمة بين كل من العمال والمؤسسات المستخدمة، وما يترتب عنها من حقوق والتزامات ومراكز قانونية للطرفين”.

وهل هناك تعريفات لقانون العمل من زوايا أخرى؟

بالطبع فمن زاوية العلاقات الخاصة الفردية أو الجماعية نجده يُعرف أيضا على انه ” مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات الخاصة الفردية و الجماعية التي تنشأ عن قيام اشخاص (عمال) بالعمل لحساب اشخاص آخرين (أصحاب العمل ) تحت سلطتهم و اشرافهم مقابل اجر”.

كما يعرف أيضا ” على أنه مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العلاقات الفردية الواردة على معاوضة العمل الخاص التابع بالاجر، وكذلك تلك القواعد التي تنظم العلاقات الجماعية الناشئة عن انتشار هذا النوع من المعاوضات، كظاهرة قانونية سائدة في المجتمع. سواءا تمثلت هذه العلاقات الجماعية في علاقات بين العمال من خلال النقابات او في اطار اتفاقيات العمل الجماعية”.

وهنا من يعرفه على انه: ” مجموعة القواعد القانونية التي تنظم علاقات العمل الخاص التابع بالاجر. وكذلك تلك القواعد التي تنظم العلاقات الجماعية الناشئة عن انتشار هذا النوع من المعاوضات كظاهرة قانونية سائدة في المجتمع. سواءا تمثلت هذه العلاقات الجماعية في علاقات بين العمال من خلال النقابات او في اطار اتفاقية العمل الجماعية.

          وبالتالي من خلال ما سبق التطرق اليه من تعاريف فانه يمكن تعريف قانون العمل على انه “مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العلاقة بين العامل و صاحب العمل في اطار علاقة عمل”.

خصائص قانون العمل:

يتميز قانون العمل بمجموعة من الخصائص التي تجعله قانونا متميزا عن سائر فروع القوانين الأخرى ويتجلى ذلك من خلال ما يلي:

ذاتية المصدر:

مقارنة بالعديد من فروع القانون الأخرى يعتبر قانون العمل ذاتي المصدر، اذ يعتمد في مصدره إضافة الى النصوص القانونية على احكام ذات طابع اتفاقي. حيث تعتبر الاتفاقيات الجماعية التي تبرم بين النقابات و الاتحادات المهنية وأصحاب العمل من المصادر الهامة و المتميزة لقانون العمل. كما أن قواعد قانون العمل تستند على الظروف والمتطلبات الخاصة بالعمل، التي تختلف عن باقي احكام وقواعد القوانين الأخرى.

الصيغة الآمرة:

يتميز قانون العمل بأن قواعده آمرة وهذا على عكس معظم فروع القانون الخاص مثل القانون المدني الذي يحكمه أساسا مبدأ سلطان الإرادة، وتعود الطبيعة الآمرة لقواعد قانون العمل الى تراجع مبدأ سلطان الإرادة وتدخل الدولة لتنظيم مجال العمل بوضع قواعد آمرة لحماية مصالح وحقوق العمال فلا يجوز للأطراف المتعاقدة تجاوزها.

كما تتجلى الصفة الآمرة في قانون العمل كونه يتضمن بين طياته الكثير من الاحكام القانونية تتعلق بالجزاءات سواءا المتمثلة في الغرامات أو الحبس، مثل نص المادة 53 من قانون 90-14 المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي. ويبرز كذلك في حالة ابرام عقد عمل لمدة محددة، في غير الحالات المنصوص عليها قانونا. وفقا لما ورد في المادة 146 مكرر من قانون 90-11 المتضمن علاقات العمل المعدل والمتمم.

و عليه يجب أن يكون كل بند من بنود عقود العمل خاضعا وملتزما بقانون العمل واي بند لا يتوافق مع أي نص من نصوص القانون يعتبر باطلا ولا يصلح تطبيقه او تنفيذه.

الإتجاه نحو التدويل:

  لقد ساهمت العوامل السياسية والاقتصادية و الثقافية في تدويل قواعد قانون العمل. فضلا عن اسهامات المنظمات الدولية المتخصصة بمسائل قانون العمل مثل : “منظمة العمل الدولية، منظمة العمل العربية) والتي كان لها دور كبير في تدويل النصوص القانونية المتعلقة بالعمل بفضل الاتفاقيات الدولية التي تبرمها.

الواقعية: 

تتجلى خاصية الواقعية في قدرة ومسايرة قانون العمل لمختلف التغيرات و التطورات ويطبق في كافة الظروف والأماكن و الأوقات. لذلك يتميز قانون العمل بأنه قادر على مراعاة حالات العمال و تقدير ظروفهم والتمييز بين مهاراتهم وقدراتهم في القيام بالمهن المختلفة.

ولهذا نجد المشرع حاول إيجاد آليات لتحديد هذه الظروف منها ما يتعلق بالاجر وذلك بإقراره الاجر الثابت والمتغير كما راعى التركيبة الفزيولوجية للقائم بالعمل فميز بين ظروف عمل المرأة عن الرجل.

علاقة قانون العمل بالقوانين الأخرى:

 يرتبط قانون العمل في تنظيم علاقات العمل بعدة فروع قانونية، بحيث لا  يستقل وحده في تنظيم جميع مجالات العمل نظرا لسعتها وتطورها وارتباطها بظروف خاصة تستدعي تستدعي تطبيق قوانين أخرى بشأنها. ولهذا فهناك علاقة وطيدة بين قانون العمل وفروع القانون العام و القانون الخاص وهي علاقة تبرز في مواضع و نقاط التأثير و التأثر فيما بينهما. حيث:

علاقة قانون العمل بالقانون الدستوري:

والتي تظهر من خلال خضوع قواعد قانون العمل للاحكام الدستورية فنجده جليا منذ وقت طويل في شتى الدساتير التي تقر حماية و امن العامل وحرية العمل والحق في الاضراب، الحق النقابي والحق في الراحة، تحديد ساعات العمل، فضلا عن الحق في التأمين الاجتماعي.

علاقة قانون العمل بالقانون الجنائي:

والتي من مظاهرها أن القانون الجنائي يتناول مجموعة الأفعال الاجرامية التي تهدد علاقات العمل بحيث يعتبرها جرائم، كما يحتوي على عقوبات جنائية ردعية لقمع كل الجرائم التي ترتكب نتيجة مخالفة احكام قانون العمل.

كما نظم قانون العمل بعض العقوبات و الجزاءات عند مخالفة أحكامه منها ما يتعلق بتشغيل الأطفال تحت سن 16 سنة والمدة القانونية للعمل وابرام عقود محددة المدة خارج الحالات المنصوص عليها في القانون.

علاقة قانون العمل بالقانون المدني:

تكمن العلاقة والصلة الجامعة بين القانونين في المسائل المشتركة بينهما من حيث التنظيم و تقرير شروطها، فمعظم أحكام الالتزامات الواردة في القانون المدني لازالت تطبق على جوانب عديدة من علاقات العمل خاصة تلك الحالات التي لاتوجد بشأنها احكام خاصة في قواعد قانون العمل، حيث يتحتم على المتعاقدين الرجوع الى الاحكام العامة للالتزامات الواردة في القانون المدني لا سيما الاحكام الخاصة بالاركان العامة للعقد و عيوب الرضا…الخ.

علاقة قانون العمل بقانون الإجراءات المدنية:

يهتم قانون الإجراءات المدنية و الإدارية بتحديد وتنظيم وضبط مختلف الإجراءات المتبعة أمام الجهات القضائية، أما قانون العمل فينظم العلاقة بين أصحاب العمل و العمال الذين يعملون لديهم، فيرتبط كلا القانونين بصفة عامة بعلاقة تكاملية واضحة، حيث أن قانون الإجراءات المدنية والإدارية يبين مختلف الإجراءات التي يجب اتباعها عند وقوع نزاع بين العمال و أصحاب العمل.

كما تبرز هذه العلاقة أيضا من خلال تاثير قانون العمل على موضوعات قانون الإجراءات المدنية والإدارية منها تضمن قانون العمل على بعض الإجراءات الخاصة التي يتميز بها قبل اللجوء الى القضاء مثل: التسوية الودية الداخلية و الخارجية، وكذا حصول العامل على محضر عدم الصلح قبل رفع الدعوى.

المراجع:

  • معزيز عبد السلام (2018). الوجيز في قانون العمل، د.ط، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع_الجزائر(ص07-127).
  • زنقيلة سلطان (2021). الاضراب في الجزائر”دراسة قانونية”، مجلة القانون و التنمية المحلية، مجلد(03)، عدد(02)، الجزائر ص(139 – 160).
  • كمال مخلوف (2011). الاطار التنظيمي لإتفاقية العمل الجماعية في التشريع الجزائري، مجلة معارف، مجلد (03) عدد (04) ص(119- 136).

About Author

Leave a Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *