beinresearch

أبعـــاد بيئـــة العمـــل المعنويــة في المؤسسات

المزايــــا المشتركــــة

يشير ناهابيت، وغوشال Nahabitt & Chochal 1998 بأنها تلك المجموعة من المصادر الفعلية والمحتملة المتجسدة داخل شبكة العلاقات والمتوفرة من خلالها والمأخوذة منها والتي تعود الى المورد البشري أو المجتمع العمالي، ويضيف كل من ليانا وبيوران Leana & Buren 1999 بأنها ما يتم ادراكه من توزيع للمزايا على الموظفين أعضاء المجتمع العمالي بمختلف مستوياتهم ذوي التوجه نحو الهدف المشترك والثقة المشتركة.

وهو ما من شأنه جعل المنظمة تعمل بشكل فعال من خلال الاضافة التي تشمل المزايا العائدة الى الافراد العاملية تعود الى مكانتهم أو موقعهم النسبي في المجموعة أو المؤسسة بشكل عام(علي صالح، د.س، ص315).

وتشمل هذه المزايا حسب والتون 1973 كفاية الراتب والعائد المادي وعدالته، صحية ظروف العمل، فرص استغلال القابليات وتطويرها، فرص النمو، التكامل الاجتماعي التمسك بمبدئية العمل التنظيمي، والموازنة بين الحياة الوظيفية والشخصية(على صالح، ص64، مرجع نفسه).

ولقياس مستوى توفر المزايا المشتركة ببيئة العمل تم تبني مقياس نوعية حياة العمل الإستقصائي لـ والتون 1973 (Walton) والذي اعتمده (العنزي والملا، 1998) للبيئة المحلية والثقافة المجتمعية العراقية، كما تم اعتماده من طرف الباحثة (الفضل، 2006) مرة ثانية واختبرته على عينة مكونة من 113 موظف في مستشفيات عراقية عامة هي(بغداد التعليمي، دار التمريض الخاص، الجهاز الهضمي، الجراحات التخصصية المنظور التعليمي للأطفال) منهم الأطباء، الصيادلة، المحاسبين، المهندسين، وذوي المهن الطبية.

وقد أظهرت الإستبانة المعتمدة أنها ذات صدق عالي (0.94) وثبات عالي هو الآخر(0.82). ما يعني الإعتماد عليه لأغراض القياس وقد استند المقياس الى خماسية ليكرت في الإجابة (موافق بشدة، موافق، محايد، معارض، معارض بشدة) للأهداف التي حددت سابقا(إنتصار، 2022، ص442).

فالمزايا المشتركة هي بعد أساسي تتجسد من خلاله بيئة العمل المعنوية هذا الأخير الذي يتمثل في مختلف مصادر السلوك التنظيمي الفعلية والمتجسدة في شبكة العلاقات والمتوفرة من خلالها والمأخوذة منها والتي بدورها تعود الى المورد البشري ككفاية الراتب، صحية ظروف العمل استغلال القابليات وتطويرها، وفرص النمو المتاحة.

تقديـــــر العمــل المنجــــز

قبل أن نتطرق للحديث هن هذا البعد المتمثل في تقدير العمل المنجز ارتأينا أن نتطرق إلى الإشارة بأن التقدير هو أحد الحاجات الإنسانية الأساسية والتي تندرج في هرم ماسلو للحاجات الإنسانية في المستوى الرابع لما لها من أهمية بالغة لهذه الحاجة الإنسانية.

وذلك من خلال احترام الغير للفرد العامل، الحاجة الى المركز، المكانة، القوة، النفوذ   والكرامة لأن الفرد يبحث عن الإحساس بأهمية عمله والحصول على التقدير من المسؤولين وزملائه لأن ذلك يدفعه لبذل جهد أكبر. وهنا لابد من الإشارة لما جاء به كلايتون الدرفر KLAYTON ALDERFER  عندما اقترح أن يستبدل التدرج الهرمي لماسلو المكون من خمسة مستويات للحاجات الإنسانية الى ثلاث مستويات تتمثل في (حاجات البقاء، حاجات الارتباط، وحاجت النمو)، لتتمثل حاجات النمو في جميع ما يتعلق بتطور قدرات الانسان واستعداداته بما في ذلك الحاجة الى التقدير. وبالتالي نجد الدرفر في هذه النقطة يقول بأن الإنسان إذا فشل في الوصول الى حاجاته العليا فان ذلك يدفعه الى العودة من جديد الى الحاجات الدنيا(منال احمد،2015، ص28_29).

كما يُعرف بأنه هو تلك التغذية الرجعية (Feed back) الإيجابية إذ أن لمثل هذا النوع من التغذية الرجعية قوة خاصة في مكان العمل لأنها عادة ما تكون شيئا نادرا جدا فمعظم الناس لا يحصلون على أي تغذية رجعية فيما يتعلق بإنجازهم للمهام اليومية الموكلة اليهم باستثناء ما يقدم لهم بصفته جزءًا من التقييم السنوي، أو قد تكون التغذية الرجعية المتعلقة بالأعمال اليومية سلبية محضة وهذا ما يجعل المشرف العطوف إيجابية وتزيد من التحفيز المعنوي وأخيرا ما يتميز به القادة العطوفون أو إن صح التعبير القادة الأذكياء بقدرتهم على إيجاد الشعور بالإنتماء، إيجاد الإنسجام بين أعضاء الفريق، زيادة الروح المعنوية تحسين التواصل، إعادة الثقة المفقودة(خليل، 2016، ص26-27).

فمن خلال تلك المجموعة من السلوكيات التي تكون مقدمة في صيغة تغذية رجعية سواء اكانت عبارات شكر وتقدير، أو مكافأة مادية من شأنها تجسيد امثل للشعور بالإنتماء، الأهمية، وتقوية الثقة المتبادلة فيما بين العامل وزملاءه بغض النظر عن الرتبة الوظيفية.

ونجد من بين الدراسات الاستقصائية التي كشفت عن أهمية ودور تقدير العمل المنجز كعامل محرك أساسي للموظفين نجد الدراسة المسحية التي أجراها ويلا Wila  سنة 1992  والتي شملت 550 موظفًا من العاملين في تجارة التجزئة والتصنيع والتأمين ومرافق الرعاية الصحية والوكالات الحكومية وهو ما يمثل دعما أساسيا لدراستنا. كما نجد أدوات ويلا Wila حول دوافع الموظفين من قبل الباحثين إسلام وإسماعيل 2008 لدراسة العوامل المحفزة للقوة العاملة السعودية وشملت هذه الدراسة 550 موظف ينتسبون لــ 90 منظمة مختلفة في أعمالها لتظهر بذلك نتائج الدراسة أن العوامل الدافعة الأكثر فاعلية وعلوا هي بالتسلسل: الأجور، ظروف العمل الجيدة، الترقية، الأمن الوظيفي، العمل المثير للإهتمام وتقدير العمل المنجز(مهدي صالح، 2021، صص209).

التعــــــــاون بين زملاء العمل

قبل التطرق للحديث عن التعاون إرتأينا أن نشير أولا الى تعريف فريق العمل حيث:

فريــــق العمـــل تعرفه جيسيكا Jesska & jeffry  بأنه مجموعة من الأعضاء ذوي تخصصات مهنية متنوعة يتم اختيارهم بشكل مدروس للقيام بمهمة task أو مجموعة من المهام في زمان ومكان معلومين ومحددين، ويرى بريل Brill بأن فريق العمل هو مجموعة من الأفراد يجتمعون معا لتبادل المعلومات المساعدة على الإستجابة المطلوبة من فريق العمل والمتمثلة في كونها مجموعة من الموارد البشرية ذوي خبرات متنوعة يسعون لتحقيق اهداف محددة مسبقا ويعملون معا لتحقيقها ويكون العمل يتم بشكل جماعي معتمدين في ذلك على التبادل والتكامل فيما بينهم(مدحت محمد، 2016، ص72).

وبناء على ما سبق التطرق اليه من تعاريف لفريق العمل فانه يتضح لنا انه مجموعة من الموارد البشرية التي تؤدي مجموع الأعمال المخطط لها في إطار زماني ومكاني معين تتكامل مهام كل منهم لتشكل في مجملها ذلك العمل.

ومنه فإن التعاون هو تكاتف الجهود وتوحيدها في إطار تفاعل بين أعضاء فريق العمل بغض النظر عن الرتبة الوظيفية من أجل انجاز المهام وحل مختلف المشكلات والعراقيل التي من شأنهـــــــــا أن تؤدي الى انخفاض الآداء أو تعرقـــــل سيــــرورة العمل في المؤسسة. كما أن التعاون هو ذلك العمل مع الآخرين لتحقيــــــــق أهداف مشتركـــــــة وواضحـــــــــة ويكون التعــــاون قصيــــر الأجـــل أو يطــــول وهـــــذا راجــــــع الـــى طبيعـــــة المهــــام المطلـــــوب انجازهــــــــا(أحمد طاهر، 2022، ص169).

ونجد ميدان العمل من بين الأماكن وميادين التفاعل حيث يجد فيه الفرد نفسه يتفاعل مع الآخرين سواء بطريقة رسمية بحكم الوظيفة التي يشغلها والعلاقات الرسمية مع مختلف زملاء العمل بغض النظر عن الرتيبة الوظيفية أو بطريقة غير رسمية من خلال مشاركة الأهداف نفسها الأفكار، الإتجاهات، القيم، والميولات مع الآخرين(بلال، 2022، ص294).

     هذا ويشر بوتنام Putnum  1993 الى أن الثقة بين أفراد جماعة العمل عامل أساسي لتسهيل عملية التعاون كما أن التعاون ينمي خاصية الثقة لدى أفراد المجتمع العمالي الواحد وهو ما يقود الى التطور وتطوير قواعد سلوكية عامة عبر الزمن ويضاعف الرغبة في التبادل الإجتماعي(زكريا، أحمد علي،2019، ص320).

وبالتالي فإن التعاون هو عملية حيوية سواء كانت بطريقة رسمية او غير رسمية تتجسد من خلال تكاتف الجهود في تفاعل متبادل من شأنه تصحيح الأخطاء، تجاوز العقبات والإرتقاء بمستوى الآداء ما يؤدي الى رغبة أكثر في مضاعفة التبادل الإجتماعي، وتعزيز الشعور بالانتماء.

وضـــــــوح المسؤوليـــــة

فالوضوح هو أحد العناصر الأساسية التي من شأنها التعزيـــــــــز من واقـــــع المسؤولية، فمن أجل أن يقـــــــوم الأفراد أو جماعة العمـــل بتنفيذ مسؤولياتهم لابد أن تكون لديهم صورة واضحــــــة عما يتعين عليهم القيام به وماهي النتائــــج المتوقعة(خالد محمد، وائل محمد، د.س، ص322).

وبغموض حدود السلطة الوظيفية الذي ينشأ عن غموض في تحديد المسؤولية لذلك نجد الموظف المسئول يصبح يتهرب عن آداء دوره نتيجة لهذا الغموض كونه يخلق في نفسه تردد وإمساك عن حسم مواضيع معاملة معينة أحيلت اليه وانجازها وهذا يتداخل مع السبب الثاني الذي يتعلق بالتمسك بحرفية اللوائح والنظم لسلوك يظن بعض الإداريين أنهم يلتزمون بالنظام غير أن اللوائح والنظم ليست غايات في ذاتها وانما هي وسائل لتحقيـــــق المقاصد فالتمسك بالتفسير الحرفي أيضا ربما يكون أثرا من آثـــــار التهــــرب من آداء المسؤوليـــــــة الوظيفيـــــة عـــن طريــــق التعنت في الوقــــوف والالتـــــــزام بحرفيــــــــة اللوائــــــح والنظم(أمل، د.س، ص21).

ونجد De malving jay, saimon collinson في تناولهم لبعد عدم وضوح المسؤولية أنهم يضعونها ضمن المعايير الحقيقية للعمليات في الشركات العالمية بمعنى أنه غاليا ما يكون هناك شخصا ما يقوم بعمل مشابه أو أنه يكون مشارك بطريقة أو بأخرى فالإضافة في ترابط واعتماديات منظمات المصفوفة اليوم وتجمع المسؤولية أصبحت أمورا غامضة للغاية كما أن عدم وجود شخص يتحمل مسؤولية بعض القرارات يؤدي الى التعقيد حيث أنه حتى الأشخاص ذوي المصالح الضعيفة أو الخاصة يشاركون في عملية صنع القرار(جاي، سيمون، 2016، ص147).

كما أنه علينا في سياق تطرقنا لبعد وضوح المسؤولية ان نتطرق بالذكر الى عامل الثقة الذي يعد أساسيا ولا يمكن ان تكون هناك علاقة مسؤولية راسخة وواضحة من دون توفر عنصر الثقة(trust)، هذه الأخير التي تولد من العدالة والمساواة، وفي حالة الافتقار الى وجود عنصر الثقة لربما يكون هناك افتقار في الشفافية مما يؤدي بتلك العلاقة الى الفشل وبعبارة اخرى فان المسؤولية لا يمكن ان تجد لها مكانا في بيئة عمل تخلو من عنصر الثقة(خالد محمد، وائل محمد، مرجع سبق ذكره، ص324).

Exit mobile version