1. تطبيق الاتفاقية الجماعية

          إن الهدف من تحمل أطراف الاتفاقية الجماعية لمشاق المفاوضة الجماعية إلى رغبتهم في إبرام اتفاقية جماعية يتم بواسطتها تكريس السلم الاجتماعي، وتحقيقا لذلك لابد من ترجمة القواعد الاتفاقية الناشئة عن الاتفاقية الجماعية إلى واقع فعلي وذلك بوضعها موضع التطبيق والنفاذ. ولتوضيح ذلك علينا التعرض أولاً إلى نطاق تطبيق الاتفاقية الجماعية، ثـم إلى الآثار القانونية المترتبة على هذا التطبيق. حيث لدينا:

نطاق تطبيق الاتفاقية الجماعية:

يشمل نطاق تطبيق قواعد الاتفاقية الجماعية على عناصر ثلاثـة هـي:

النطاق المكاني:

              تجرى المفاوضات الجماعية بين أطراف علاقة العمل متخذة مستويات عديدة متباينة، ويخضع تحديد النطاق المكاني للاتفاقية الجماعية للحرية الكاملة للإطراف. وذلك شريطة أن يتم النص في صلبها على أنهـا قابلة للتطبيق مثلا، إما على مستوى مؤسسة واحدة أو عدة مؤسسات محددة، أو على مستوى قطاع صناعي، أو على المستوى المحلي، أو الإقليمي، أو على المستوى الوطني.

النطاق المهني:

لم يضع المشرع الجزائري أي نص يقيـد مـن الحـريــة في تحديـد النطاق المهني للاتفاقية الجماعية وعليه يخضع تحديد النطاق المهني للاتفاقية الجماعية للحرية الكاملة للأطراف الذين يمكنهم تحديد هذا النطاق بفرع نشاط اقتصادي معين، أو بمهنة معينة، أو بعدة مهن لا سيما تلك المرتبطة أو المتشابهة أو المشتركة في إنتاج منتوج واحد.

والمفاوضة على مستوى النشاط تجد أهميتها في أنها تتعرض للموضوعات التي تهم طرفي المفاوضة على مستوى المهنة ككل، ولا تقتصر على قطاع واحد من قطاعات هذا النشاط المهني.

نطاق التطبيق:

 الشخصي للاتفاقية الجماعية تنص المادة 127 من قانون رقم 90 – 11 المشار إليه سابقا «تلزم الاتفاقيات الجماعية كل من وقع عليها أو انظم إليها فور استكمال الإجراءات المنصوص عليها في المادة السابقة». يتضح من خلال نص هذه المادة أن أطراف الاتفاقية الجماعية ملزمون بتطبيق ما اتفقوا عليه.

ويتبين كذلك من المادة السابقة أن أطراف الاتفاقية الجماعية، إما أن يكونوا أطرافا أصلية، أي الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الذين أبرموا الاتفاقية، أو أن يكونوا أطرافا منظمة إلى الاتفاقية الجماعية بعد التوقيع عليها.

وعليه يشمل نطاق تطبيـق الاتفاقية الجماعية جميع الأطراف الموقعة عليها ابتداء، أو المنظمة إليهـا لاحقا، كما تسري القواعد الاتفاقية الناشئة عن الاتفاقية الجماعية في مواجهة كافة أعضاء التنظيمات الموقعة عليها، وذلك بصرف النظر إذا كان هؤلاء ينتمون إلى المنظمة وقت التوقيع، أو انظموا إليهـا فيـمـا بعـد، لأن أسـاس الخضوع للقواعد الاتفاقية يتمثل في صفة العضو في التنظيم، حيث تلزم بنــود الاتفاقية هؤلاء الأعضاء بمجرد إشهارها.

2. انتهاء اتفاقية العمل الجماعية

يختلف أسلوب انتهاء الاتفاقية الجماعية بحسب ما إذا كانت هذه الأخيرة مبرمة لمدة محددة أو لمدة غير محددة حيث:

أولا: انتهاء الاتفاقية الجماعية المبرمة لمدة محددة.

           منح المشرع الجزائري بموجب المادة 117 من القانون رقم 90 – 11 الأطراف الحق في إبرام الاتفاقية الجماعية لمدة محددة (1)، وتنتهي هذه الاتفاقية بانتهاء المدة التي حددها لها الأطراف، كما يكون لكــل طـرف التمسك بمدتها المحدودة ومن ثم المطالبة بإنهائها بمجرد انتهاء هذه المدة. ولكن ماذا لو استمر الأطراف في تنفيذ الاتفاقية المبرمة لمدة محددة رغم انقضاء مدتها؟

           برجوعنا إلى المادة 117 المشار إليها سلفا، نجد أن الفقرة الثانية منها تجيز استمرار الأطراف في تنفيذ بنود الاتفاقية الجماعية المحددة المدة رغــم انتهاء مدتها، وتتحول هذه الاتفاقية من اتفاقية جماعية محددة المدة إلى اتفاقية جماعية غير محددة المدة، إلى أن يتوصل الطرفان إلى اتفاقية جديدة ولكن بشرط عدم تضمن هذه الاتفاقية لشرط مغاير أو مخالف.

وفي هذا الاتجاه كذلك سار المشرع الفرنسي الذي يقضي من خلال المادة 6 – 132 عمل فرنسي بأن الاتفاقية الجماعية المبرمة لمدة محددة أو للمدة اللازمة لإنجاز مشروع معين، إذا لم يتم إنجاز هذا الأخير خلال مدة سريانها الأصلية، تتحول إلى اتفاقية جماعية غير محددة المدة، وذلك شريطة عدم تضمنها شرطا يقضي بانتهائها بمجرد حلول اجلها.

ثانيا: انتهاء الاتفاقية الجماعية غير محددة المدة.

           خول المشرع الجزائري كذلك من خلال المادة 117 من القانون 90 – 11 لأطراف الاتفاقية الجماعية الحق في إبرامها لمدة غير محددة، تظـل الاتفاقية الجماعية خلالها سارية المفعول إلى حين انتهائها إما بتراضي الطرفين، أو بالإرادة المنفردة لأحدهما، حيث يثبت لكل طرف من أطراف الاتفاقية الجماعية الغير محددة المدة الحق في إنهائها بإرادته المنفردة في أي وقت كان.

           ولكن بالرجوع إلى المادة 131 من القانون 90 – 11 نجد أنها تجيز لكل طرف نقض الاتفاقية الجماعية جزئيا أو كليا، ولكن شريطة أن يتم احترام ومراعاة الإجراءات القانونية، حيث يجب الا يطرأ النقض خلال اثني عشر (12) شهرا التي تلي تسجيلها، حيث يستوجب على الطرف الراغب في إنهاء الاتفاقية الجماعية بإرادته المنفردة إخطار الطرف المتعاقد الآخر (1) وكذا الجهات التي أودعت لديها الاتفاقية(2).

ولكن الإخطار بنقض الاتفاقية الجماعية يلزم الأطراف بالشروع في مفاوضات في ظرف ثلاثين يوما (30) لإبرام اتفاقية جماعية جديدة، كما أن نقض الاتفاقية الجماعية لا تأثير لـه على عقود العمل المبرمة في السابق والتي تبقى خاضعة للأحكام المعمول بها إلى غاية إبرام اتفاقية جماعية جديدة.

المراجع:

  • معزيز عبد السلام (2018). الوجيز في قانون العمل، د.ط، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع_الجزائر(ص07-127).
  • زنقيلة سلطان (2021). الاضراب في الجزائر”دراسة قانونية”، مجلة القانون و التنمية المحلية، مجلد(03)، عدد(02)، الجزائر ص(139 – 160).
  • كمال مخلوف (2011). الاطار التنظيمي لإتفاقية العمل الجماعية في التشريع الجزائري، مجلة معارف، مجلد (03) عدد (04) ص(119- 136).

About Author

Leave a Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *