المدرسة الكمية للإدارة (مدرسة بحوث العمليات) Quantative Management:
من بين العوامل التي أدت الى التماس تغيرات مهمة في تقنيات الادارة الكمية، الإتجاه نحو مجتمع المعلومات Infomation society . ويعتمد هذا المدخل على نظرية القرار واستخدام الدراسات والتقنيات الإحصائية، والتحليلات الرقمية لمشكلات المؤسسة وإعداد النماذج الرياضية لتحسين القرارات الإدارية ومختلف العمليات التنظيمية.
ومن أحد الحقول المتخصصة في مجال الإدارة الكمية ما يسمى بـــ(علم الإدارة الذي يختلف عن اتجاه الإدارة العلمية للعالم الإداري الأمريكي “فريديريك وانسلو تايلر” واتجاه الإدارة الكمية. من خلال ما يقوم به من بحوث العمليات سعيا منه في الحصول على منتخ، خدمة، أو تحقيق هدف معين يبني على أساس تلك المعلومات التي تم التوصل اليها نموذجا للإحتمالات الكمية، لطلب خدمة معينة او بضاعة(موفق حديد، مرجع سبق ذكره، ص82).
هذا وتحاول هذه النظرية تقديم نماذج موضوعية ومعيارية يمكن الاسترشاد بها في عمليات اتخاذ القرارات. ما من شأنه أن يحد من عمليات التقدير والحكم الشخصي الذي بطبيعة الحال يفسح مجالا للابتعاد عن الموضوعية في ذلك، وهو يشتمل على فروع أساسية هي:
- علم الإدارة: والذي يقدم نماذج رياضية وأساليب يمكن استخدامها لرفع الكفاءة في اتخاذ القرارات.
- بحوث العمليات: تهتم بالنماذج والأساليب في المجالات الإدارية وكيفية تقديمها.
- نظم المعلومات: تهتم بتوفير قاعدة البيانات التي تساعد في توفير معلومات سريعة ودقيقة بأقل تكلفة.
وهو ما مكنها من تقديم نموذج إداري قوي ومنطقي، في تبسيط وحل المشكلات المعقدة في عديد المجالات الإدارية وإيضاحها لمدى الحاجة الى تحديد الهدف وبالتالي قياس الآداء(ياسر أحمد، 2008، ص48).
أما بالنسبــــــة للموارد البشرية فقد شهدت تطورا وتغيرات في عديد المجالات، مع التقدم الحاصل في مجال التكنولوجيا، الرقميات، الإبتكارات، الإبداعات، والبرمجيـــــــــات المختلفـــــــــــة. وهو ما يستدعي توافق الموارد البشرية بعلاقات جديدة بين العناصر المكونة للمنظمة تمليه تقنية النظم. هذه الأخيرة التي بطبيعة الحال سيكـــــــون لهــا تأثيـــــر على العلاقات الإنسانية(موفق حديد، نفسه، ص83).
وهذا التغير بطبيعة الحال التوافق المتوازي بشكل يدعم الإستثمار الأفضل في التغيرات الحاصلة في مختلف المجالات خصوصا المجالات ذات الصلة بنشاط المؤسسة.
المدرسة الموقفية (الظرفية)
هي اتجاه فكري ينظر أن تطبيق الأسلوب الإداري يختلف من منظمة لأخرى، بل ويختلف حسب المنظمة وأهدافها، حجمها، أنظمتها قوانينها خصوصيتها والبيئة التي تتواجد فيها. وبالتالي لا يمكن تعميم أسلوب موحد أو محدد. وقد ركزت المدرسة الموقفية على الحاجة المستمرة للتنظيم لمتابعة التجديد ومواكبة التغيرات الحاصلة لأن حاجة الجانب الإنساني في مناخ التنظيم الى التغيير بصورة مستمرة أضفة الى تغيرات البيئة التي تنشط فيها المؤسسة. يفرض عليها استحداث ابداعات في الجوانب التنظيمية بشكل مستمر وعدم الاعتماد على نمطية واحدة لتحقيق التميز والمحافظة على البقاء(عاكف لطفي، 2011، ص31).
هذا وتقدم النظرية الموقفية استجابة واحدة للتوترات المتناقضة من خلال استكشاف الظروف الخاصة بالاختيار بين المطالب المتنافسة، وقد الهمت النظرية الموقفية البحوث والدراسات لعقود من الزمن استكشف فيها كيف ان السياق والعوامل البيئية تؤثر على فاعلية البدائل المتعاكسة. فمثلا نجد أن النظرية الموقفية أظهرت الظروف والمواقف التي تدفع اتجاه الاختيار بين بدائل الإستكشاف أو توسيع المعرفة تتجسد في عملية حل التناقض بالفصل الزماني المشروط بالموقف، فعلى المنظمة أن تختار أحد اطراف التناقض بما يتوافق والظروف الداخلية والخارجية في فترة زمنية معينة(سعد علي، 2022، ص190-191).
تقتضي هذه النظرية بأن الممارسات الإدارية، مهامها، وأدوارها المختلفة تتطلب من المديرين الأخذ بعين الإعتبار متطلبات الموقف القراري الذي تمارس في هذه الممارسات. وما تحتويه من أساليب وطرائق تحكم تطبيقها أو ممارستها. وتعنى النظرية باختصار أن تطبيـــــــق مبــــادئ ونظريـــــات الإدارة يتطلـــب الأخــــذ فــي عيــــن الاعتبـــــار طبيعــــة الظـــــروف المحيطة(أحمد يوسف، 2011، ص62).
وبالتالي جوهر هذه النظرية يرتكز على أنه لا توجد طريقة واحدة مثلى تتناسب مع جميع الظروف والمواقف لتحقيق الكفاءة والفعالية، فالنمط الإداري الذي يكون أنسب لموقف معين. ربما لا يصلح لموقف آخر وهكذا تجلت اسهامات هذه النظرية في:
- ضرورة الوقوف الناقد لفكرة أن هناك أسلوب واحد أمثل في ممارسات الإدارة.
- تطبيق فكرة السبب والنتيجة في جميع الممارسات الإدارية.
- التزود بوجهات نظر في العمل تحدد أكثر الأساليب الإدارية ملائمة لظروف معينة في موقف قراري معين (فاطمة، مرجع سبق ذكره، ص99).
هذا ونجد مدخلا آخر يلي النظرية الموقفية كانت له مساهمات لها من القيمة في بيئة العمل المعنوية. حيث يتمثل هذا المدخل في “الإتجاه المعاصر للتعامل مع التناقض” حيث:
تعود جذوره المعرفية الى ثمانينيات القرن الماضي ويتجسد منظوره الشامل في الإعتقاد بأنه “لاتوجد طريقة واحدة أفضل للتعامل مع الظواهر المتناقضة”. وأن طريقة الفصل الزماني المشروط بوجود الظروف الملائمة للنظرية الموقفية لا يتناسب مع واقع بيئة الأعمال الحالية التي تتصف بالندرة، التغير، والتعددية في الوقت ذاته (سعد، 2021، ص38).
مدرسة النظم System school
ظهور هذه المرسة يعود الى 1965 على وجه التقريب وتقوم فكرة هذه المدرسة على مفهوم النظام الذي يتكون من أجزاء متفاعلة فيما بينها لتشكل. بذلك جسما موحدا وعليه فإن دراست أي جزء من هذه الأجزاء بمعزل عن الأجزاء الأخرى المكونة للنظام لا يعكس حقيقة وحدة النظام وانسجامه. وبالتالي النظر الى المنظمة كنظام يساعد في تناول وفهم النظم الفرعية التي تعمل في صورة متداخلة سعيا لتحقيق اهداف المنظمة. فالمنظمة تشبه الكائن الحي من حيث تفاعل مكوناتها وتتصل بالبيئة المحيطة بها لتأخذ منها وتنمحها عاكسة بذلك قدرة ديناميكية على التوازن معها (توفيق صالح، أحمد يوسف، وآخرون، 2011، ص55).
ويرى رواد هذا الاتجـــــــاه أن النظام المفتوح يعطي تفسيرا واضحا لسلوك الأفراد التنظيمي داخل المنظمـــــة الواحـــــــدة ارتباطـــــــه بكتــــــل البيئـــــات الخـــارجية كــــون النظــــــام المفتــــــــوح يتفاعل بشكل ايجـــابـــي مــع الكتـــل البيئيـــــة اعتمـــــادا علــــى درجــــة التبـــادليــــة التـــي يتمتــــع ذلــك النظـــــــام (شوقي ناجي، 2010، ص362).
هذا واعتبر” شستر برنار” المنظمة نظاما اجتماعيا يتكون من اجزاء مترابطة ومتناسقة وقد استندت هذه الفكرة الى فكرة النظام في العلوم التطبيقية. والنظام هو الكل المنظم أجزاءه ذات علاقات تفاعلية متبادلة، تشكل في مجموعها تركيبا كليا موحدًا فالإنسان نظام والجهاز التنفسي في حد ذاته نظام، والمنظمة نظام، والقطاع التعليمي والمجتمع نظام(فاطمة، 2019، ص94).
ونجد النظام المفتوح يشتمل على العناصر التالية:
المدخلات Inputs
تشير الى جميع ما تأخذه المنظمة من البيئة التي تنشط ضمنها من موارد بشرية، مواد أولية، معلومات، طاقة، تكنولوجيا، …الخ.
عمليات التحويل Transformations
يشير هذا العنصر الى مختلف عمليات الإنتاج، التسويق، السياسات، والأهداف التي من شأنها تحويل المدخلات الى مخرجات(فاطمة، 2019، ص94).
المخرجات Output
يشير هذا العنصر الى ما ينتجه النظام (المتمثل في المؤسسة) من سلع وخدمات. ويعني هذا في مؤسسة الضمان الإجتماعي للعمال الأجراء مختلف الخدمات التي تقدمها المؤسسة لعملائها، من خدمات تأمين على المرض التقاعد، المعاشات، وغيرها…الخ.
التغذية الرجعية Feed back
ذلك مقارنة مخرجات النظام مع ما هو محدد من أهداف وتحديد التفاوت بينهما، للمساعد في اكتشاف نقاط القوة والضعف والتي على اساسها تتخذ التعديلات اللازمة(محمد هاني، 2014، ص55).
وقد جاءت مدرسة النظم نتيجة للكتابات التي عقبت تقديم “لودينغ فون بيرتلافي” لنظرية النظم في سنة 1937م وأفكار “شستر برنار” في كتابه”وظائف المدير” سنة 1938م. حيث يعتبر “شيستر برنار. أو من تطرق الى التسيير بمفهوم النظم فقد كان ينظر الى المؤسسة على أنها نظام إجتماعي للتعاون المتبادل يكون في شكل أجزاء تتكامل فيما بينها وتتوافق مع بعضها البعض. وتتحدد هذه الأجزاء بالبيئة، الأفراد العاملين لتحقيق الهدف المشترك الذي يجمعهم “الهيكل الرسمي والتنظيم الغير رسمي”. وقد انطلق أصحاب هذه النظرية من فرضية مفادها “أنه يمكن حل العديد من المشاكل التسييرية من خلال النظر للمؤسسة على أنها نظام مفتوح يتكون من مجموعة عناصر متفاعلة فيما بينها“(فاطمة، مرجع سبق ذكره، ص94).
ومن خلال تحليل هذا التفاعل الحاصل تكون الاستطاعة في حل المشكلات التي تواجه العملية التسيير من وجهة نظر المؤسسة.
وهذه الأنظمة الفرعية تعود درجة تفاعلها فيما بينها على أساس الخصائص التالية:
التمايز
معناه أن كل نظام يجب أن يتميز على غيره من الأنظمة من ناحية طريقة التطور والأسلوب.
الشمولية
هذه الخاصية مفادها أن أي تغيير في أحد مكونات النظام يستدعي بالضرورة التغيير في باقي العناصر الأخرى وهنا لابد على المدراء العمل من أجل الحفاظ على تكامل العناصر الجزية للنظام.
الأهداف
بمعنى أنه لكل نظام أهداف يسعى الى تحقيقها.
التوازن
التوازن هذه الخاصية مفادها التوازن بين المخلات والمخرجات.
التحلل والتلاشي
بمعنى ان أكثر ما يهدد دورة حياة النظام هو ندرة الموارد.
الإستقرار
معناه أن ينطوي على ضرورة توافق النظم مع المتغيرات البيئية(رايس، مرجع سبق ذكره، ص25).
وبالتالي نلاحظ بناء على ماسبق التطرق اليه ان هذه المدرسة يحوز اتجاهها الفكري على ايجابيات عديدة في تحقيق الأهداف التي جاءت من أجلها المؤسسات وحتى الأهداف المشتركة حيث نذكر منها:
- زيادة الوعي والإهتمام بعمليات الإدارة من تخطيط، تنظيم، رقابة، وتوجيه، وبأن لكل منها دوره المهم في النظام.
- هي صاحبة “نظرة” (الشمولية)، من حيث ان المنشأة هي نظام مفتوح حيوي يأثر في البيئة التي ينتمي اليها ويتأثر بها.
- أنها مهدت لظهور النظريات الموقفية Situational theory(محمد هاني، مرجع سبق ذكره، ص56).