تأثرت العلوم الاجتماعية وخاصة علم الاجتماع وعلم النفس وعلم السياسة بالتطورات . التي حققها علم الإحصاء ، واستعان العلماء الاجتماعيون بمنهج جديد فى دراساتهم . وهو المنهج الاحصائى الذى ينطوي علي نفس خطوات المنهج العلمي في البحث ، حيث يقدم علي عمليتين منطقيتين هما القياس و الاستنتاج ، وإذن يقوم العالم بملاحظة الحقائق في البداية ثم يجري تجاربه ويرصد عددا من النتائج التي يستخلصها من تلك التجارب بنمط أو إطار عـام للظاهرة. وبعد أن يقوم بصياغة نظريته علي ذلك النحو، ينتقل إلي عمليـة الاستنتاج التي تعينه علي التنبؤ بسلسلة من النتائج الأخرى.

           —- ويستخدم علماء النفس الأدوات والأساليب الإحصائية أكثر من غيرهـم فـي القياس النفسى . ويعد علم النفس التربوي، علم النفس العمل والتنظيم، علم النفس التجريبي، علم النفس الاكلنيكي وعلم نفس الفروق الفردية من المجالات التي تعتمد اعتمادا جوهريا على المنهج الاحصائي في تناولها لموضوعات الدراسة .

            حيث أنه من يقرأ مرجعا في القياس النفسي يجد أن علماء النفس يذهبون إلي أن كل شيء في مجال علمهم قابل للقياس تقريباً فنجد لديهم مقاييس للذكاء وللشخصية وللعواطف والميول وللاضطرابات النفسية والأمراض العقلية وكل مقياس من هذه المقاييس يخضع ، في واقع الأمر لأساليب إحصائية صارمة تحدد مدى ثباته وصدقه في قياس ما صمم لقياسه ويستخدم في المقارنة بين النتائج التي يتم التوصل إليها من دراسة عينه محدده من الأفراد وتلك التى يتم التوصل إليها من دراسة عينه أخرى.

           كما نجد مساهمة عالم النفس الانجليزي جالتون Galton (1922) في تطبيق الطرق الإحصائية في علم النفس، ووضع أساس علم القياس النفسي (psychometrics) وبدأ دراسة موضوع الارتباط والانحدار الذي اهتم به وطوره بعد ذلك عالم الإحصاء الانجليزي كارل بيرسون Pearson (1857–1936). بالإضافة إلي مساهمات أخرى هامه.

         كما قدم سبيرمان Spearman (1945-1863) عالم النفس الإنجليزي مساهمات فعاله في دراسة الارتباط ويعد من الرواد في دراسة وتطوير التحليل العاملي .

ونجد كذلك عالم الإحصاء الانجليزي جولست (1876-1937) Gosset الذي لديه أيضا مساهمات هامه في مجال التحليل الإحصائي وخاصة في تفسير البيانات المتعلقة بالعينات كما يعد من الرواد المهتمين بتحليل نتائج العينات الصغيرة. وخلال الفترة السابقة كان الاهتمام كله مركزا علي المفهوم الكلاسيكي للاحتمال .

          إن مفهوم التكرار النسبي لم يظهر بصوره ملموسة إلا في بداية القرن العشرين حيث تم صياغتها وظهورها في إطار منطقي بمعرفة فون مايسيس vonmises وعلي الرغم من أن الرواد من علماء الإحصاء كان إهتمامهم بوظيفة الاستقراء. فان الجانب الأعظم من النظرية الإحصائية تم اكتشافه بعد عام 1920 تقريبا فمنذ مطلع القرن العشرين كان الاهتمام منصباً علي تطبيق الإحصاء علي مشاكل علـوم الحياة وعلي التجارب الزراعية والصناعية . كما أن العمل في هذه المرحلة كان مكثفا ومركزا علي التحليل الإحصائي وأساسه المنطقي ، ونتج عن ذلك مساهمات قدمها عالم الإحصاء الانجليزي فيشر Fisher (1962-1890) الذي نجد من أعماله البارزة نظرية التقديرات ، وتوزيعات المعاينة للعينات الصغيرة ، وتحليل التباين وتصميم وتحليل التجارب . ومن العلماء الذين ساهموا كثيرا في نظرية التقديرات واختبارات الفروض كــلا مــن بيرسون Pearsson, Es وكذلك نيمان Neyman – ويعد الثلاثي فيشر – بيرسون – نيمان مؤسس منهج الاستقراء الإحصائي والذي يعرف حاليا بالاتجاه الكلاسيكي وهـو يعتمد علي المعلومات المتاحة من العينة فقط

.

            ليظهر في هذه الفترة اتجاه جديد يعرف بالاستقراء البيزياني Bayesianinference وذلك بجهود كل من جفريز jeffreys ورافری Ramsey و دیفنتی Definetti وجود Good وسافج Savage ولندلي lindley وآخرون  ويعتمد الاستقراء هنا على بيانات العينة بالإضافة إلى المعلومات المسبقة .Prior Information وشهدت هذه الفترة أيضا عملا مكثفا كان فيها الاهتمام منصبا على صنع القرارات، مما أدي إلى نشوء وظيفة حديثة للإحصاء تحت اسم نظرية القرارات الإحصائية Statistical Decision theory ويرجع ذلك إلى أعمال والد Wald

(1939) ونيومان Neuman.j و مور جنسترن Morgenstern

            ليصاحب هذا التطور الكبير في النظريات الإحصائية بداية ظهور مجموعة من التخصصات المختلفة تهتم بمجالات وأهداف خاصة – وقد بلغ هذا التطور قدرا هائلا يكاد يظهرها وكأنها علوما مستقلة،ومن هذه التخصصات بحوث العمليات Operations Research والإحصاء السكاني Demography ومراقبة الجودة

Quality control والاقتصاد القياسي Econometrics ونظرا لاعتماد العلوم المختلفة على الرياضيات في فهم ظواهرها وقياسها وتفسيرها، فقد أفردت لها فروعاً خاصة تهتم بدراسة ظواهراها باستخدام الأساليب الإحصائية والرياضية ومنها على سبيل المثال الإحصاء الحيوى والاجتماع الرياضي والقياس الاجتماعي وعلم النفس الرياضي والقياس النفسي والقياس التربوي والاقتصاد الرياضي والتاريخ الاقتصادي الجديد أو القياس التاريخي.

وقد وردت عدة تعاريف لعلم الإحصاء سنقوم بإيجازها فيما يلي

       الإحصاء: “هو العلم الذي يبحث في الأساليب والطرق العلمية المناسبة لجمع البيانات، وتبويبها وتنظيمها بهدف الوصول إلى النتائج اللازمة لزيادة المعرفة أو اتخاذ القرارات المناسبة وتعميمها وتحليلها وتفسيرها “.

       ويعرف كذلك بأنه” العلم الذي يبحث في طرق جمع البيانات وعرضها وتحليلها وتفسيرها، فالإحصاء بهذا التعريف هو أسلوب منطقي منتظم موحد يعالج الموضوعات والخصائص التي يمكن أن يعبر عنها بصورة رقمية”.

        كما يعرف الإحصاء أيضا بأنه: ” فرع من فروع الرياضيات يشمل النظريات والطرق الموجهة نحو جمع البيانات، وصف البيانات، الاستقراء، صنع القرارات، ويتميز باستخدام الأرقام والرموز والدوال الرياضية والمقاييس والجداول، والرسومات البيانية..

        ويعرف الإحصاء أيضًا على أنه: “العلم الذي يدرس مختلف طرق ووسائل جمع البيانات الكمية عن مختلف

الظواهر الاقتصادية والاجتماعية، وغيرها وترتيب هذه البيانات وتبويبها وتحليلها وتفسيرها وتقديمها بأشكال وصور ملائمة بهدف تسهيل اتخاذ القرار على أساس سليم. محاولًا التغلب على على عديد الإشكالات التي قد تصادف الباحثين في أو أثناء القيام بها مثل عدم تجانس البيانات وتباعدها. كل هذا يجعله ذا أهمية تطبيقية واسعة في شتى مجالات العلوم.

          ويٌعد استخدام الأسلوب الإحصائي في أي دراسة الوسيلة المأمونة التي يمكن أن تضمن تحقيق الأهداف المرجوة من وراء تنفيذها سواء كان الهدف المقصود من الدراسة التعرف على نواحي معينة لبعض الظواهر السلوكية كانخفاض التحصيل وعلاقته بالمتابعة الوالدية، مثلا أو لدراسة مشكلة معينة قائمة أو متوقعة  كالتنمر في الوسط المدرسي ووضع الحلول المناسبة لها.

           أما الإحصائيات فهي البيانات العددية المتعلقة بموضوع ما والمنظمة في جداول أو رسوم بيانية حول نشاط أو قطاع معين  فمثلا اذا كان هذا النشاط أو القطاع يأتي الحديث عنه في إطار سياق ذي صلة بدولة معينة نقول على سبيل المثال:

– إحصائيات السكان للتعبير عن مجموعة البيانات الخاصة بالسكان في بلد ما، العدد الإجمالي للسكان، توزيع السكان حسب العمر أو الجنس، التوزيع الجغرافي للسكان حسب الولايات، وبالتالي فإن الإحصائيات هي المادة الأولية التي تستخدم في علم “الإحصاء(بنية صبرينة، 2018).

         إن كلمة الإحصاء في الماضي كانت تهدف إلى العد والحصر حتى لقد سمى الإحصاء بعلم العد (The science of counting)، ويقصد بعلم الإحصاء هو ذلك العلم الذي يعمل على استخدام الأسلوب العلمي في طرق جمع البيانات وتبويبها وتلخيصها وعرضها تحليلها بهدف الوصول منها إلى استنتاجات وقرارات مناسبة.

         ويرى الصياد وآخرين (1983): بأن الإحصاء هو العلم الذي يبحث في جمع البيانات الخاصة لمختلف الظواهر ثم يضع هذه البيانات في جداول منظمة ويمثلها بيانياً على شكل رسومات أو صور توضيحية وكذلك تحليل البيانات واستخلاص النتائج منها واستخدامها في اتخاذ القرار المناسب ومقارنة الظواهر ببعضها ومحاولة استنتاج علاقات بينها.

          فهو العلم الذي يعمل على استخدام الأسلوب العلمي في جمع البيانات عن ظاهرة تربوية ومن ثم تبويب هذه البيانات وعرضها وتحليلها و استخلاص النتائج من أجل تفسيرها والتوصل من خلالها إلى إصدار الأحكام حول هذه الظاهرة أو عمل استنتاجات حول المجتمع الإحصائي الكلي.

ومن الملاحظ من هذا التعريف أنه لابد على الباحث أن يحدد مشكلة دراسته أولاً، لأن تحديد المشكلة يساعد الباحث على دراسته بطريقة دقيقة وجمع معلومات ذات العلاقة بالمشكلة والتي يمكن في ضوئها الوصول إلى نتائج ذات معنى، ومن ثم يعمل على تصميم خطة مقترحة للبحث يحدد الباحث من خلالها فيما إذا كان سيجمع المعلومات من المجتمع الإحصائي كله أو من خلال عينة تمثل المجتمع يحدد حجمها وطريقة اختيارها وكذلك يحدد نوع المعلومات المراد جمعها.

About Author

Leave a Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *