مقدمة

              يعتبر علم الإحصاء من العلوم الضرورية والهامة التي يستخدمها الباحثون في شتى مجالات المعرفة بهدف الوصول إلى نتائج تعتمد الموضوعية وتتسم بالمصداقية، وتكمن أهميته في شتى الميادين كونه وسيلة يستخدمها معظم الناس في أعمالهم اليومية باختلاف مجالاتها خاصة الباحثين، حيث يزودهم الإحصاء بالأدوات التي تساعدهم على تحليل المعطيات بشكل علمي دقيق ومن ثم استخراج النتائج والتي بناء عليها يتم اتخاذ القرار.

مفاهيم عامة حول الإحصاء.

      الإحصاء بالإنجليزية(Statistics):‏ وهو أحد فروع الرياضيات الهامة ذات التطبيقات الواسعة. فكلمـة (statistics ) مشتقة من كلمة (state) أي الدولة (آنذاك) ومعناها مجموعة الحقائق الخاصة بشئون الدولة. واليوم المعنى المتفق عليه لمصطلح state  هي (ولاية).

           إلا أنه مع تطور الحياة وتعقدها وتشعبها، تطور أيضاً مفهوم الإحصاء واتسـع نطاقه فلم يعد مقتصراً على الأمور التي تهتم بها الحكومات، في تبرير سياستها وإدارة شئونها، وإنما بدأ في اخذ في الاتساع ليشمل مجال الدراسات الإقتصادية  والاجتماعية، والسلوكية، والطبيعية، والزراعية، والبيولوجية، والوراثية … الخ، وكذلك شئون الأفراد والهيئات أيضاً.

          ومن هنا اتسع نطاق اهتمام العلماء بعلم الإحصاء ، وتطورت البحوث والدراسات في إطاره، فتنوعت مفاهيمه، وتعددت أساليبه، وتطورت مناهجه.

         وبحيث اصبحنا نجد في تحرير البيانات، هدف العلماء لوصف فهمنا للعالم، أوصاف العلاقات المستقرة بين الظواهر الجديرة بالملاحظة على شكل نظريات أحيانًا مدعوة بأن تكون توضيحية.

لمحة تاريخية عن علم الإحصاء

         تعود أقدم الكتابات حول الاحتمالات والإحصاءات إلى علماء الرياضيات وعلماء التشفير العرب، خلال العصر الذهبي الإسلامي بين القرنين الثامن والثالث عشر. كتب الخليل بن أحمد الفراهيدي (717-786م) كتاب رسائل التشفير، الذي يحتوي على أول استخدام للتبديلات والتوليفات، لسرد جميع الكلمات العربية الممكنة مع وبدون حروف العلة. ونجد أقدم كتاب عن الإحصاء هو أطروحة القرن التاسع عشر حول فك رموز الرسائل المشفرة، كتبها الباحث العربي الكندي وهو عالم عربــــــــــــــــــي مسلــــــــــــــــم كبيــــــــــــــــر، برع في الفلك والفلسفة والكيمياء والفيزياء والطب والرياضيات وعلم النفس والموسيقى والمنطق. يعرف عند العرب باسم “الكندي” ويعــــــــــــــــــد أول الفلاسفة المسلميــــــــــــــــــــن، صاحب كتب ونظريات عديدة في مجالات مختلفة، ساهم في إدخال الأرقام الهندية إلى العالم الإسلامي والمسيحي، وكــــــان رائــــــدا فـــــــــي تحليــــــــــــــــــــل الشفـــــــــــــــرات، واستنبــــــــــــــــــــــاط أساليــــــــــــب جديــــــــــــــــــــدة لاختراقهــــــــــــــــــــــــا باستخـــــــــــــــــــدام خبرتــــــــــــــــــه الرياضيــــــــــــــــــة والطبيـــــــــــــــــــــة، وضـــــــــــــــــــــع مقياســــــــــــــا يسمـــــــــــــح للأطبـــــــــــــــــاء بقيــــــــــــــــــــاس فاعليــــــــــــــــــة الــــــــــــدواء، كمــــــــــا أجــــــرى تجارب حول العلاج بالموسيقى، وهو أول من أدخل كلمة “موسيقى” للغة العربية.
            وقدم الكندي في كتابه وصفًا تفصيليًا لكيفية استخدام الإحصائيات وتحليل التردد لفك تشفير الرسائل المشفرة. وضع هذا النص أسس الإحصاء وتحليل الشفرات. قام الكندي أيضًا بأول استخدام معروف للاستدلال الإحصائي، بينما طور هو وغيره من مصممي التشفير العرب الأساليب الإحصائية المبكرة لفك تشفير الرسائل المشفرة. قدم ابن عدلان (1187-1268) فيما بعد مساهمة مهمة، في استخدام حجم العينة في تحليل التردد. (https://ar.wikipedia.org/wiki/)

            وإذا ما حاولنا تتبع تطور علم الإحصاء، نجد كذلك أنه من البدايات الأولى لهذا العلم ما يأخذنا إلى منتصف القرن السادس عشر بالضبط عند (كادانو وبسكال) من خلال دراستهم عن نظرية الاحتمالات Probabilities  حيث أنها كانت أول دراسة معروفة عن مبادئ الاحتمالات الرياضية . و حين نشر جون جرونت كتابه الشهير Natural and Political Observations upon the Bills of Mortality. كان هذا العمل الرائد من أولى المحاولات المنهجية لجمع وتحليل البيانات الديموغرافية بهدف تقديم رؤى مفيدة للدولة.

             لتوضع بذلك الأسس الحديثة الرياضية للإحصاءات الحديثة في القرن السابع عشر (17م)مع تطوير نظرية الاحتمالات بواسطة جيرولامو كاردانو وبليز باسكال وبيير دي فيرما. كانت هذه الفترة ملئ بالأفكار والابتكارات التي ساهمت في تطوير الإحصاءات والنظرية الرياضية. يُعرف أن مفهوم الاحتمال قد فحص بالفعل في القانون في العصور الوسطى ومن قبل فلاسفة مثل خوان كارامويل، إلا أن التحديثات الحقيقية جاءت مع جهود العلماء جيرولامو كاردانو، بليز باسكال، وبيير دي فيرما. وصفت طريقة المربعات الصغرى لأول مرة بواسطة أدريان ماري ليجاندر في عام 1805.

لتؤدي بذلك الجهود المواصلة في مجال تطوير علم الإحصاء التطبيقي خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر إلى نقطة تحول نوعية في بداية القرن العشرين. بدأت هذه الفترة بتبني مفاهيم وأدوات أحدث وأكثر تعقيدًا، مما ساهم في تطور هذا العلم بشكل كبير. أصبحت أدوات الإحصاء المتقدمة ضرورية في تحليل البيانات الضخمة والمعقدة. يضاف اليها ما طور بيرسون كمعامل الارتباط لبيرسون، والذي يُعرَّف بأنه لحظة المنتج، وطريقة اللحظات لتناسب التوزيعات على العينات وتوزيع بيرسون، من بين أشياء أخرى كثيرة. أسس جالتون وبيرسون Biometrika كأول مجلة للإحصاء الرياضي والإحصاء الحيوي (ثم أُطلق عليها علم القياس الحيوي)، وأسس هذا الأخير أول قسم إحصائي جامعي في العالم في كلية لندن الجامعية.

          ليظهر بذلك مجال الإحصاء الحديث في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين على ثلاث مراحل حيث:

كانت المرحلة الاولى في مطلع القرن 19، بقيادة أعمال فرانسيس جالتون وكارل بيرسون واللذين حوَّلاَ الإحصاء إلى نظام رياضي صارم يستخدم في التحليل، ليس فقط في العلوم، ولكن في الصناعة والسياسة أيضًا. تضمنت مساهمات جالتون تقديم مفاهيم الانحراف المعياري والارتباط وتحليل الانحدار وتطبيق هذه الأساليب في دراسة الخصائص المتنوعة للإنسان مثل الطول والوزن وطول رمش العين وغيرها. حيث صاغ رونالد فيشر قد مصطلح فرضية العدم أثناء تجربة تذوق الشاي للسيدة، والتي “لم يتم إثباتها أو إثباتها مطلقًا، ولكن ربما يتم دحضها أثناء التجربة”

هذه الجهود أسهمت في بناء أساس قوي ومتطور للتحليل الإحصائي، وأدت إلى تبني أدوات ومفاهيم جديدة تضيف المزيد من الدقة والمنهجية لتحليل البيانات. مما يسهل العملية البحثية ويوفر الوقت والجهد.

وضف الى ذلك ما نجده في العمل التعاوني بين إيغون بيرسون وجيرزي نيمان في الثلاثينيات. قدموا مفاهيم خطأ «النوع الثاني» وقوة الاختبار وفترات الثقة. أظهر جيرزي نيمان في عام 1934 أن أخذ العينات العشوائية الطبقية، تطبيق الأساليب الإحصائية في جميع المجالات التي تنطوي على اتخاذ القرار، والوصول الى استنتاجات دقيقة من مجموعة مجمعة من البيانات ولاتخاذ القرارات في مواجهة عدم اليقين على أساس المنهجية الإحصائية.

وكلمة إحصاء ( Statistics) لها ثلاث معانى :

1. الإحصاءات أو البيانات : مثال ذلك إحصاءات السكان والمواليد والوفيات والإنتاج – الصادرات – الاستهلاك .

2. المؤشرات المحسوبة من عينة العينة (هى مجموعة جزئية من الوحدات محل الدراسة )

فهو علم وعلم الإحصاء وهو فرع من فروع الرياضيات يشمل النظريات والطرق الموجهة نحو جميع البيانات ووصف البيانات والاستقراء وصنع القرارات نتيجة تطور علم الإحصاء وتنوعت طرائقه ، وأصبح له من القواعد ما يمكنه من القيام كعلم مستقل له نظريته الخاصة، أسلوبه وموضوعات البحث الخاصة به.

 بمـا يمكن الباحثين في جميع ميادين البحـث العلمى إلا ونجد فيه الإحصاء يساهم مساهمة فعالة . وكلمة إحصاء لها أكثر من استخدام إلا أن أكثر الاستخدامات شيوعاً هو ذلك الذي يرى أن كلمة إحصاء تشير إلى تلك الأساليب والإجراءات التحليلية المستخدمة في معالجة البيانات الرقمية.

           بمعنى أنه للحصول علي معلومات ذات قيمة من تلك البيانات الرقمية فإنها يجب أن تخضع للتحليل الاحصائي Statistical Analysis بمساعدة تلك الأساليب والإجراءات والأدوات التي يوفرها لنا الإحصاء.

ويذهب كل من Whittaker, Startup إلى وجود ثلاثة استخدامات لكلمة إحصاء .

  • للإشارة إلى الحقائق الرقمية التي جمعت بطريقة منتظمة من الواقع الفعلي للظاهرة.
  • تشير إلى الأساليب المستخدمة في جمع ، وتصنيف وتحليل البيانات الرقمية.
  • للإشارة إلى صفة أو خاصية للعينة محل الدراسة.

About Author

Leave a Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *