يقصد بمصادر قانون العمل المنابع التي تستقي منها القاعدة القانونية أساسها و منشأها وبها ترسم حدودها. ويستمد قانون العمل احكامه وقواعده من عدة مصادر منها ما هو داخلي والمتمثل أساسا في النصوص القانونية والتنظيمية ومصادر خارجية والتي تصدر عن المنظمات الدولية المختصة في شكل معاهدات و اتفاقيات دولية. حيث:
المصادر الداخلية: تتمثل هذه المصادر في المصادر التفسيرية والمصادر الرسمية حيث:
أولا: الدستور:
يعتبر الدستور القانون الاسمى للنظام القانوني للدولة الذي يتضمن المبادئ والقواعد الأساسية التي تحكم المجتمع في مختلف النواحي منها النواحي التي تنظم علاقات العمل، فالدستور مصدر من مصادر قانون العمل عندما يضع الأسس العامة التي يرتكز عليها المجتمع في مجال العمل، لا سيما فيما يتعلق بالحريات والحقوق، فقد تضمنت مختلف الدساتير التي عرفتها الجزائر عدة حقوق ترتبط بعالم الشغل كالحق في العمل، الحق في الاضراب، الحق النقابي، الحق في الحماية و الأمن، الحق في الراحة و غيرها.
ثانيا: التشريع:
و يشكل القانون بمفهومه الضيق مصدرا مهما من مصادر قانون العمل، ذلك أن أغلب القواعد التي تضم هذا القانون واردة في قوانين صادرة عن السلطة التشريعية حيث أعطى الدستور البرلمان صلاحية التشريع في مجال قانون العمل وذلك بمقتضى المادة 140 الفقرة 17 من الدستور، اذ يختص البرلمان بصلاحية التشريع في المسائل المتعلقة بقانون العمل والضمان الاجتماعي وممارسة الحق النقابي. ومن أهم القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية في هذا المجال نجد:
_ القانون رقم 90-02 المؤرخ في 06/11/1990 المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و تسويتها وممارسة حق الاضراب.
- القانون رقم 90-11 المؤرخ في 21/04/1990 المتعلق بعلاقات العمل، الجريدة الرسمية عدد 23 لسنة 1990 المعدل والمتمم بموجب القانون رقم 91-29 المؤرخ في 21/12/1991، الجريدة الرسمية عدد 68 لسنة 1991.
- القانون 90-03 المؤرخ في 09/02/1990 المتعلق بمفتشية العمل، الجريدة الرسمية رقم 06 لسنة 1990.
- القانون 90-14 المؤرخ في 02/07/1990 المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي، الجريدة الرسمية عدد 23 لسنة 1990.
ثالثا: النصوص التنظيمية:
ويقصد بالنصوص التنظيمية تلك الاعمال الصادرة من السلطة التنفيذية و التي تسعى من خلالها الى تنفيذ و تكملة وتوضيح تلك الاحكام الصادرة عن السلطة التشريعية، فنظرا لتنوع واختلاف مجالات قانون العمل يقتضي وجود نصوص قانونية لتنظيم هذه الجوانب بواسطة مراسيم رئاسية اذا كانت صادرة من طرف رئيس الجمهورية أـو مراسيم تنفيذية إذا صدرت من الوزير الأول.
كما انه من بين النصوص التنظيمية التي صدرت في اطار علاقات العمل نجد المرسوم التنفيذي رقم 90-289 المؤرخ في 29 سبتمبر 1990 المتعلق بكيفيات تنظيم انتخابات مندوبي المستخدمين، والمرسوم التنفيذي رقم 90-290 المؤرخ في 29 سبتمبر 1990 المتعلق بالنظام الخاص بعلاقات العمل الخاصة بمسيري المؤسسات الاقتصادية والمرسوم التنفيذي رقم 91-273 المؤرخ في 10 اوت 1991 المتعلق بكيفيات تنظيم انتخابات المساعدين وأعضاء مكاتب المصالحة المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي رقم 92-288 المؤرخ في 06 /07/1992 الذي جاء تطبيقا لقانون رقم 90-04 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل.
وعليه فتعد النصوص التنظيمية مصدرا مهما لقانون العمل لقدرتها على مسايرة مختلف مجالات العمل المتنوعة والقابلة للتغير و التزايد وفقا للتطورات ومشاكل علاقات العمل على غرار الوقاية لصحية و الأمن في مجال العمل ومنازعات العمل.
رابعا: أحكام القضاء:
يلعب القضاء دورا أساسيا في تفسير النصوص القانونية التي لا تحمل معها دقة في إطار المبادئ القانونية لذلك تعتبر الاحكام و القرارات الصادرة عن المحاكم احدى مصادر قانون العمل فالقاضي تقتصر مهمته على تفسير الصوص القانونية وتطبيقها على القضايا المعروضة واستكمال النقص الذي قد يلاحظ فيه، وإزالة الغموض الذي قد يشوب قواعده.
والقاضي عندما تعرض عليه مسألة للفصل فيها يكون ملزما بإصدار احكامه و الاجتهاد في إيجاد الحلول حتى وإن لم يكن هناك نص قانوني أو تنظيمي أو اتفاقي يستند اليه و الا أُعِدّ ناكراً للعدالة.
المصادر التفسيرية: تتمثل المصادر التفسيرية لقانون العمل في:
أولا: العرف والعادات المهنية:
حيث يعتبر العرف مصدرا من مصادر قانون العمل ويقصد به اتباع العامل أو صاحب العمل لسلوك معين بصورة منتظمة و مستمرة في مكان معين أو في حرفة معينة بحيث يسود الاعتقاد بأن هذه القواعِدْ مُلزِمة. ولكي يصبح سلوك العامل وصاحب العمل عرفا ومصدرا من مصادر قانون العمل يجب ان يتوافر فيه ركنان: ركن مادي، وركن معنوي.
حيث أن الركن المادي:
ويتمثل في اعتياد و تكرار العامل وصاحب العمل على اتباع سلوك معين في نشاط معين وقد يكون هذا الاعتياد إيجابيا يظهر في صورة القيام بعمل، كما يمكن أن يكون سلبيا في صورة الامتناع عن تادية عمل ، على أن يكون هذا الامتناع بشكل ثابت و مستقر و يتكرر في الحالات المماثلة بشرط أن يمضي الزمن الكافي لإستقراره.
أما الركن المعنوي:
فيتمثل في اعتقاد العامل وصاحب العمل بالزامية القاعدة المتبعة وضرورة احترامها وعدم مخالفتها واعتبار ذلك مخالفة قانونية تتطلب الجزاء.
ثانيا: الاتفاقيات الجماعية:
كذلك تعتبر الإتفاقية الجماعية مصدرا مهما من مصادر قانون العمل نظرا للدور الذي تلعبه في تقريب وجهات النظر بين العمال وأصحاب العمل في مجال العمل. وكونها أيضا تتضمن على قواعد قانونية أكثر ملائمة للعمالبسبب استقلاليتها عن السلطات الرسمية. وأيضا كونها تخضع للإرادة الحرة للعمال وأرباب العمل دون المساس بالنظام العام وأحكامه.
وقد حدد المشرع ضمن المواد من 114-134 الأحكام التي تنظم الاتفاقيات الجماعية من توافر مجموعة من الشروط الموضوعية والشكلية بحيث يجب أن تكون مكتوبة ومحل اشهار في وسط العمال وكذا القيام بعملية تسجيلها لدى مفتشية العمل وكتابة ضبط المحكمة.
ثالثا: النظام الداخي:
يعتبر النظام الداخلي مصدرا مهنيا من مصادر قانون العمل و يتولى صاحب العمل اعداده دون مشاركة العمال على أن لا يمس حقوقهم ويجب على كل مؤسسة أة يكون لها نظامها الداخلي اذا تجاوز عدد العمال 20 عاملا.
كما تتضمن هذه اللوائح التنظيمية مجموعة من التوجيهات، و الاحتياطات الأمنية التي تصدر عن صاحب العمل والنظم الخاصة بتنظيم العمل في المؤسسة المستخدمة من الناحية التقنية و الأمنية و الصحية. فضلا عن الإجراءات الخاصة بالوقاية من حوادث العمل والامراض المهنية الى جانب إجراءات تأديبية مترتبة على مخالفة قواعد العمل التي تفرضها القوانين أو الاتفاقيات الجماعية أو عقود العمل الفردية أو الننظام الداخلي بهدف المحافظة على الاستقرار و الأمن في أماكن العمل.
المصادر الخارجية:
والتي نجدها تتمثل في الاتفاقيات الدولية والتي تعد من اهم مصادر قانون العمل والمتمثلة أساسا في المعاهدات و الاتفاقيات الدولية. الصادرة عن منظمة العمل الدولية والإتفاقيات الإقليمية الصادرة عن منظمة العمل العربية. فضلا عن الاتفاقيات الثنائية التي ابرمتها الجزائر مع بعض الدول في اطار التعاون الثنائي.
وكمثال على ذلك نجد :
الاتفاقيات الدولية:
حيث يعتبر الإعلان العلمي لحقوق الانسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. والاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية و الثقافية لسنة 1966 من أهم مصادر قانون العمل.
والاتفاقية رقم 87 لسنة 1948 المتعلقة بالحرية و الحق النقابي.
الى جانب الاتفاقية الدولية رقم 135 المتعلقة بتوفير الحماية والتسهيلات لممثلي العمال في المؤسسة صادقت عليها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي 06-58 المؤرخ في 12 محرم سنة 1427 الموافق ل11/02/2006
ضف اليها الاتفاقية الدولية رقم 138 الخاصة بالسن الأدنى للقبول في العمل، صادقت عليها الجزائر بموجب المرسوم رقم 83-518 المؤرخ في 25 ذي القعدة عام 1403 الموافق ل03/09/1983. “والتي نصت على انه لا يجب ان يقل السن الأدنى للتشغيل عن السن الذي تنتهي فيه الدراسة الاجبارية ولا يقل عن 15 سنة في أي حال من الأحوال”.
الاتفاقيات الإقليمية:
وعطفا عما سبق ذكره نجد إضافة للاتفاقيات الدولية الصادرة عن منظمة العمل الدولية السابق التطرق اليها. نجد كذلك انه هناك مجموعة من الاتفاقيات الصادرة عن المنظمات الإقليمية للعمل كمنظمة العمل العربية التي تشكل مصدرا من مصادر قانون العمل نذكر منها:
– الاتفاقية العربية رقم 01 لسنة 1966 المتعلقة بمستويات الشغل المعدلة بالاتفاقية رقم 6 المؤرخة في مارس 1976.
– الاتفاقية العربية رقم 7 المصادق عليها من قبل مؤتمر العمل العربي في مارس 1977 المتعلقة بالصحة والسلامة المهنية.
– الاتفاقية العربية رقم 15 المصادق عليها من قبل مؤتمر العمل العربي بعمان في مارس 1983 المتعلقة بتحديد وحماية الأجور.
– الاتفاقية العربية رقم 16 المصادق عليها بعمان في مارس 1963 المتعلقة بالخدمات الاجتماعية العمالية.
الاتفاقيات الثنائية:
الى جانب الاتفاقيات التي صادقت عليها الجزائر في منظمتي العمل الدولية و العربية نجد مجموعة من الاتفاقيات الثنائية التي تربط الجزائر بدول أخرى في مجال العمل. كما هو الحال مع المملكة المغربية و دولة ليبيا نذكر منها:
هذا واتفاقية التعاون في مجال العمل واستخدام الموارد البشرية بين الجزائر ودولة ليبيا الموقعة في طرابلس يوم 20 ديسمبر 1987 المصادق عليها بموجب المرسوم الرئاسي رقم 89-189 المؤرخ في 10 ربيع الأول 1410 ه الموافق ل10 أكتوبر 1989.
ونجد الاتفاقية العامة للضمان الاجتماعي بين الجزائر والمملكة المغربية الموقعة بالجزائر في 23 فيفري 1991 المصادق عليها بموجب المرسوم الرئاسي رقم 91-215 المؤرخة في 2 محرم 1412 ه الموافق ل 14 جويلية 1991م.
المراجع:
- معزيز عبد السلام (2018). الوجيز في قانون العمل، د.ط، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع_الجزائر(ص07-127).
- زنقيلة سلطان (2021). الاضراب في الجزائر”دراسة قانونية”، مجلة القانون و التنمية المحلية، مجلد(03)، عدد(02)، الجزائر ص(139 – 160).
- كمال مخلوف (2011). الاطار التنظيمي لإتفاقية العمل الجماعية في التشريع الجزائري، مجلة معارف، مجلد (03) عدد (04) ص(119- 136).
Leave a Reply