إنعقاد علاقة العمل:
ان علاقة العمل الفردية لا تكون نهائية مباشرة بين طرفي العلاقة، بل تمر بمرحلة تسمح للأطراف المتعاقدة التحقق مما اذا كانت مصلحته. أن يمضي العقد أم لا من خلال المرور أولا على فترة تجربة، وبعد ذلك يصبح العقد نهائيا بقبول كل الأطراف على العقد و يثبت العامل في منصبه بصفة دائمة الترسيم.
والأصل ان سريان عقد العمل يبدأ بمباشرة العامل انجاز و تنفيذ مختلف النشاطات و الاعمال المكلف بها. غير أنه في بعض الحالات تؤدي الى التوقف المؤقت لعلاقة العمل دون ان يؤدي ذلك الى نهايتها.
اما في انعقاد علاقة العمل فنجدها تنشأ و تنعقد بابرام عقد مكتوب أو غير مكتوب (شفاهي). ولكي يصبح هذا العقد نهائيا مرتبا لكل آثاره القانونية يجب ان يمر بفترة التجربة و الترسيم حيث:
فترة التجربة:
تمر علاقة العمل بعد ابرام عقد العمل بين العامل وصاحب العمل بفترة تجربة. وهي مرحلة أولية قبل ترسيم العامل في منصب عمله، اذ يسمح لصاحب العمل بأن يضع العامل في فترة تجريب بعد تشغيله مباشرة قصد التحقق من صلاحيته و كفاءته ومدى قدرته على القيام بالعمل الموكل اليه. وقد حددت المادة18 من قانون 90-11 فترة التجربة بمدة لا تتعدى 06 اشهر، اما بالنسبة للمناصب ذات التاهيل العالي يمكن ان ترتفع فيها هذه المدة الى 12 شهرا، الا انه يمكن تحديد المدة التجريبية لكل فئة من فئآت العمال بمقتضى الاتفاقية الجماعية.
تسمح فترة التجربة لصاحب العمل التأكد من قدرات ومؤهلات العامل. وفسخ عقد العمل دون إخطار مسبق وتعويض اذا لم يستطيع العامل اثبات كفاءته في العمل، كما أن صاحب العمل غير ملزم باثبات فشل العامل خلال فترة التجربة، غير أن العامل يتمتع خلال هذه الفترة ببعض الحقوق والواجبات التي يتمتع بها جميع العمال المثبتين.
كما انه خلال فترة التجربة تسمح أيضا للعامل بالاطلاع على ظروف العمل وطبيعته وشروطه ومدى ملائمة العمل الموكل له ومؤهلاته وقدراته العلمية والبدنية وعلى هذا الأساس يمكن له ان يتخلى عن العمل دون ان تترتب على ذلك اية مسؤولية على عاتقه.
اما اذا انقضت هذه المدة دون ان يتمسك احد الطرفين بحقه في فسخ العقد يصبح عندئذ عقد العمل نهائيا.
فترة التثبيت أو الترسيم:
مرحلة الترسيم هي تلك المرحلة التي تأتي بعد فترة التجريب إذ بمجرد انقضاء فترة التجريب دونما استعمال الطرفين حقهما في فسخ عقد العمل يصبح العامل مثبت في منصبه. وبذلك يكون العقد نهائيا منتجا لكافة آثاره القانونية لكلا الطرفين. حيث يتمتع العامل بكافة حقوقه المرتبطة بالتثبيت التي لا يتمتع بها في فترة التجربة كعدم امكان فصل العامل الا وفق إجراءات خاصة والحق في الترقية و الاستداع و الانتداب و يتحمل أيضا كل الالتزامات كما يستفيد أيضا صاحب العمل بكل الحقوق و يتحمل الالتزامات.
وعند ترسيم العامل في منصب عمله يتم تبليغه بقرار تثبيته ورتبته ومكان العمل واجره وتحسب مدة التجربة في أقدمية العامل.
اما بالنسبة لسريان عقد العمل :
فانه يبدأ بآداء العامل للعمل المتفق عليه الا انه في بعض الحالات ولظروف استثنائية توقف علاقة العمل نتيجة لاعتبارات للأطراف المتعاقدة دون أن يؤدي ذلك الى قطعها، فنجد وضعية العمل الفعلي: هي الوضعية الاصلية المترتبة عن علاقة العمل حيث تفترض تواجد العامل في مقرات العمل وقيامه بالوظيفة المسندة اليه فعليا
على اعتبار ان حق العامل في الحصول على الاجر مرهون بآداء العمل المتفق عليه. وما ينجم عن وضعية العمل الفعلي مجموعة من الامتيازات المرتبطة حصرا بها كاحصول على المنح والتعويضات والحق في الترقية.
أما في وضعية التوقف المؤقت عن العمل والتي تكون نتيجة الى اعتبارات قانونية منها ما هو مرتبط بالعمل و منها ما هو مرتبط بالعامل أو منها ماهو مرتبط بصاحب العمل دون ان يؤدي ذلك الى قطعها ويتمثل ذلك في :
أولا: الحالات الخاصة بالعامل:
الاستيداع:
يعتبر الاستداع من بين الحالات التي تؤدي الى توقيف علاقة العمل. ويتحقق ذلك عندما يتعذر فيه على العامل الاستمرار مؤقتا في تنفيذ التزاماته المهنية مع صاحب العمل لإعتبارات وأسباب مختلفة و موضوعية. من امثلتها اضطرار احد الوجين لمرافقة الزوح بمناسبة انتقاله للعمل في مكان بعيد او المرافقة للعلاج في الخارج وغيرها.
– الانتداب:
(كالانتداب لممارسة مهنة نيابية، الحبس الاحتياطي، متابعة فترة تكوين او تربص، العطلة المرضية طويلة الاجل والانتداب لآداء الخدمة العسكرية): فمثلا يعتبر الانتداب لآداء الخدمة العسكرية من بين الحالات التي تؤدي الى توقيف مؤقت لعلاقة العمل بقوة القانون بالنسبة للعامل بحيث يستفيد من العودة الى منصبه بمجرد آدائه لواجب الخدمة الوطنية.
ثانيا: الحالات الخاصة بصاحب العمل:
يضطر صاحب العمل لتجميد علاقة العمل او توقيف العمال بسبب حالة مرتبطة بالمؤسسة مثل: عطب لحق وسائل الإنتاج، تعرض المؤسسة لاخطار طبيعية، صعوبات مالية تمر بها المؤسسة أو بسبب نقص وندرة في المواد الأولية و غيرها.
اثـــار عقـــد العمـــل:
يقصد آثار عقد العمل مجموعة الحقوق والالتزامات الناشئة عنه. وبما ان عقد العمل من العقود الملزمة للجانبين فهو يُنشأ علاقة دائنية بين اطرافه. وبالتالي يترتب عنه الزامات مختلفة يقع بعضها على عاتق العامل في حين يقع بعضها الآخر على عاتق صاحب العمل. ومما يقع على عاتق صاحب العمل (الالتزام بتنفيذ العمل المحدد في العقد، الالتزام بالسر المهني، الالتزام بتوجيهات صاحب العمل، المحافظة على وسائل العمل.
والالتزام بعدم منافسة صاحب العمل. ويتمتع بالحق في: الأجر إضافة لما يتبعه من منح وتعويضات، ممارسة العمل النقابي، الحق في التكوين والترقية المهنية، الحق في التقاعد، الحق في الراحة و العطل القانونية، والحق في التامين و الحماية و الضمان الاجتماعي.
أما بالنسبة لصاحب العمل فإنه له من الحقوق في إدارة والتنظيم الداخلي لشؤون العمل بما يحقق النظام والأمن داحل المؤسسة، وتمكين العمال من تأدية مهامهم بكل سهولة و اتقان لتحقيق المصالح المشتركة لأطراف علاقة العمل ويتجسد التنظيم الداخلي عن طريق اللوائح والأنظمة الداخلية.
صلاحية صاحب العمل في اصدار التعليمات الداخلية لتنظيم بعض المسائل المرتبطة بالعمل. ومن حقه آداء العامل للعمل الموكل اليه، إضافة لما له من الحقوق التي يتمتع بها صاحب العمل والمستندة الى عنصر التبعية سلطته في الاشراف والرقابة، سواءا قدمت هذه التوجيهات بشكل مباشر او غير مباشر لاسيما بمقتضى التقسيم العضوي للمهام.
وبالتالي ومن خلال ما سبق التطرق اليه فانه ما يكون حقا لطرف معين في علاقة العمل يكون واجبا بالنسبة للطرف اللآخر. و ما يكون واجبا لطرف يكون من حق الآخر والاخلال فيها يؤدي الى وقوع منازعات وهو ما سنراه فيما يلي من مقالات على منصتنا.
المراجع:
- معزيز عبد السلام (2018). الوجيز في قانون العمل، د.ط، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع_الجزائر(ص07-127).
- زنقيلة سلطان (2021). الاضراب في الجزائر”دراسة قانونية”، مجلة القانون و التنمية المحلية، مجلد(03)، عدد(02)، الجزائر ص(139 – 160).
- كمال مخلوف (2011). الاطار التنظيمي لإتفاقية العمل الجماعية في التشريع الجزائري، مجلة معارف، مجلد (03) عدد (04) ص(119- 136).